كتاب: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس **


661 - إنكم لا تَسَعُون الناس بأموالكم، ولكن يَسَعُهُم منكم بَسْطُ الوجه وحُسْنُ الخُلـُق‏.‏

رواه الحاكم والبزار وابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة‏.‏

662 - إنه لـَيُغـَانُ ‏(‏الغين‏:‏ الغيم، وَغِيَنت السماءُ تُغَانُ‏:‏ إذا أَطْبَق عليها الغَيم‏.‏ وقيل‏:‏ الغَيْن‏:‏ شجر مُلْتَفّ‏.‏ أراد ما يَغْشَاه من السَّهْو الذي لا يَخْلو منه البَشَر، لأنّ قلبه أبدا كان مَشْغولا باللّه تعالى، فإنْ عَرَض له وَقْتاً مّا عارِضٌ بَشَرِيّ يَشْغله من أمور الأمّة والمِلَّة ومصالحهما، عَدَّ ذلك ذَنْبا وتقصيراً، فـَيـَفـْزَعُ إلى الاسْتغفار‏.‏ كما في النهاية‏.‏‏)‏ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة‏.‏

رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي عن الأوزاعي‏.‏

663 - إن التوبة تغسل الحَوْبة، وإن الحسنات يُذهِبنَ السيّئات‏.‏

رواه أبو نعيم عن شداد بن أوس، وزاد إذا ذكر العبد ربه في الرخاء أنجاه في البلاء، وذلك بأن الله تعالى يقول لا أجمع أبدا لعبدي أمْنَيْن ولا أجمع له خوفـَين، إن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع فيه عبادي، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس فيدوم له أمنه ولا أمحقه فيمن أمحقه انتهى، <صفحة 252 >

ورواه في الإحياء بلفظ‏:‏ إن الحسنات يذهبن السيئات كما يذهب الماء الوسخ،

لكن قال الزين العراقي في تخريجه لم أجده بهذا اللفظ، وهو صحيح المعنى وبمعنى اتبع السيئة الحسنة تمحها‏.‏

664 - إن أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصل لا خير فيه‏.‏

رواه البيهقي عن عمر، وسيأتي في‏:‏ أول ما يرفع،

ورواه الحكيم الترمذي عن زيد بن ثابت بلفظ‏:‏ إن أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة، ورب مصل لا خلاق له عند الله تعالى‏.‏

665 - إن التُجّار هم الفُجّار‏.‏

قال النجم رواه الطبراني عن معاوية، وأحمد والحاكم والبيهقي عن عبد الرحمن بن شبل، زاد فقيل يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع ‏؟‏ قال نعم، ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويحدثون فيكذبون؛ نعم يستثنى التاجر الصدوق الأمين لأنه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين كما أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي سعيد الخدري انتهى،

وقال ابن حجر المكي في فتاواه الحديثية رادا على بعض الحفاظ المورِد له بلفظ‏:‏ إن التجار هم الفجار إلا من قال بيده هكذا وهكذا، قال صدر الحديث إلى الاستثناء وارد، بل صحيح كما قاله الترمذي، وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال يا معشر التجار، فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق،

وفي رواية صحيحة إن التجار هم الفجار، فسئل يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع ‏؟‏ قال بلى ولكنهم يحدثون فيكذبون، ويحلفون فيأثمون، قال وأما آخره وهو إلا من قال بيده هكذا وهكذا‏.‏ فلم يرد في شيء من كتب الحديث بعد البحث عنه‏.‏ انتهى‏.‏ <صفحة 253 >

وأقول ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري ما قد يشهد لهذا الخطيب، حيث قال فيه‏:‏ وفي رواية للبخاري عن أبي ذر بلفظ ‏"‏المكثرون هم الأخسرون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا‏.‏ ‏"‏ الحديث‏.‏ انتهى‏.‏

وفي رواية لمسلم عن أبي ذر قال‏:‏ انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة، فلما رآني قال‏:‏ هم الأخسرون ورب الكعبة‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله، فداك أبي وأمي، من هم ‏؟‏ قال هم الأكثرون أموالا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا، من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وقليلٌ ما هم؛ ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي زكاتها، إلا جاءت يوم القيامة أعظم مما كانت وأسمَنـُهُ، تنطحُهُ بقرونها وتطأه بأظلافها، كلما نفذت أخراها عادت عليه أولاها، حتى يُقضى بين الناس‏.‏ انتهى فتأمله‏.‏

666 - إن أشدَّ الناس عذابا يوم القيامة المصورون‏.‏

رواه مسلم عن ابن مسعود‏.‏

667 - إن أبخل الناس من بخل بالسلام‏.‏

رواه أبو يعلى، وعن ابن حبان والإسماعيلي من طريقه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة موقوفا بلفظ‏:‏ إن أبخل الناس من بخل بالسلام، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، رواه الطبراني في الأوسط وفي الدعاء‏.‏

والبيهقي في الشعب عن عاصم مرفوعا بلفظ‏:‏ أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام‏.‏ ورجاله رجال الصحيح‏.‏

وفي لفظ عن أبي هريرة‏:‏ ‏"‏البخيل كل البخيل‏.‏ ‏"‏ وذكره‏.‏

وأخرجه الطبراني في الدعاء عن عبد الله بن معقل رفعه بلفظ‏:‏ ‏"‏أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام‏.‏ ‏"‏

وأخرجه العسكري بزيادة‏:‏ ‏"‏إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته‏"‏‏.‏

وأخرجه أحمد والبزار والبيهقي عن جابر بلفظ‏:‏ إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن لفلان في حائطي عِذقا، وإنه قد آذاني وشق عليّ مكان عذقه‏.‏ فأرسَلَ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ بعني عذقك الذي في حائط فلان‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فـَهَبْهُ لي‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فبـِعْنِيهِ بعذق في الجنة‏.‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما رأيت الذي هو أبخل منك، إلا الذي يبخل بالسلام‏.‏

وأخرجه أبو نعيم عن أنس، رَفـَعَهُ‏:‏ بخيل الناس من بخل بالسلام‏.‏ <صفحة 254 >

668 - إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر‏.‏

رواه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة‏.‏

669 - إن الدال على الخير كفاعله‏.‏

رواه الترمذي عن أنس، وسيأتي فيه زيادة في حرف الدال‏.‏

670 - إن الشمس ردت على علي بن أبي طالب‏.‏

قال الإمام أحمد لا أصل له، وقال ابن الجوزي موضوع، لكن خَطـَّؤُوه، ومن ثم قال السيوطي‏:‏ أخرجه ابن مندة وابن شاهين عن أسماء بنت عميس وابن مردويه عن أبى هريرة، وإسنادهما حسن،

وصححه الطحاوي والقاضي عياض، قال القاري ولعل المَنفِيّ ردُّها بأمر علي، والمُثبَت بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأقول في عمدة القاري للعيني، كفتح الباري للحافظ ابن حجر، أن الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل أخرجوا عن أسماء بنت عميس أن النبي نام على فخذ علي حتى غابت الشمس، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي رضي الله عنه‏:‏ يا رسول الله إني لم أُصَلّ العصر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم‏:‏ إن عبدك عليا احتسب بنفسه على نبيك ن فردها عليه‏.‏ قالت أسماء‏:‏ فطلعت الشمس حتى وقعت على الجبال وعلى الأرض، ثم قام علي فتوضأ وصلى العصر، وذلك بالصهباء‏.‏

قال الطحاوي وكان أحمد بن صالح يقول‏:‏ لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من أجَلّ علامات النبوة‏.‏ قال وهو حديث متصل، ورواته ثقات، وإعلالُ ابن الجوزي له لا يلتفت إليه انتهى‏.‏

وأقول قد ذكرنا في الفيض الجاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏أحلت لكم الغنائم‏"‏ إن قصة علي في رد الشمس بعد مغيبها، وإنها ردت لنبينا أيضا في وقعة الخندق حين شغل عن صلاة العصر حتى صلاها، وكذا ردت لسليمان بن داود عليهما السلام على قول بعضهم، وأما حبسها <صفحة 525 > عن المغيب فقد وقع ليوشع بن نون، وقبله لموسى بن عمران، ووقع بعدهما لسليمان بن داود، وأيضا لنبينا عن الطلوع ليلة الإسراء، وإن كان في بعضها مقال، فراجعه فقد ذكرناه هناك مبسوطا‏.‏

671 - إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم، فضَّيقوا مجاريه بالجوع‏.‏

ذكره في الإحياء، قال العراقي متفق عليه دون فضَّيقوا مجاريه بالجوع، فإنه مدرج من بعض الصوفية‏.‏

672 - إن العالم والمتعلم إذا مرا على قرية فإن الله تعالى يرفع العذاب عن مقبرة تلك القرية أربعين يوما‏.‏

قال السيوطي لا أصل له، ومثله ما أخرجه الثعلبي وكثير من المفسرين عن حذيفة رفعه بلفظ‏:‏ إن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيا، فيقرأ الصبي من صبيانهم في الكتاب الحمد لله رب العالمين فيسمعه الله تعالى فيرفع الله عنهم بذلك عذاب أربعين سنة فإنه موضوع، كما قاله الحافظ العراقي وغيره، وقيل إنه ضعيف انتهى‏.‏

673 - إن العبد لينشر له من الثناء ما بين المشرق والمغرب، وما يزن عند الله جناح بعوضة‏.‏

ذكره في الإحياء، قال العراقي لم أجده هكذا، وفي الصحيحين عن أبي هريرة‏:‏ إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة‏.‏

674 - إن ابن آدم لحريص على ما منع‏.‏

رواه الطبراني ومن طريقه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عمر رفعه‏.‏ <صفحة 256 >

675 - إن أحدكم يأتيه الله برزق عشرة أيام في يوم واحد، فإن هو حبس عاش تسعة أيام بخير، وإن هو وسَّع وأسرف قُتَّر عليه تسعة أيام‏.‏

رواه الديلمي عن أنس، وقال الله تعالى ‏{‏وكان بين ذلك قواما‏}‏ ‏.‏

676 - إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله‏.‏

أسنده البخاري في الطب عن ابن عباس رفعه في قصة اللديغ الذي رقاه أحد النفرمن الصحابة وهو ابن مسعود بفاتحة الكتاب على شاة شرطها فبرأ، وكره أصحابه ذلك، وقالوا له أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا فذكره،

وعلقه البخاري في الإجارة جازما به، فقال وقال ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله، لكنه في الطب أيضا علقه بصيغة التمريض فقال ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم، قيل و إنما علقه في الطب بصيغة التمريض مع إيراده له متصلا في صحيحه لروايته له بالمعنى،

وروى أبو نعيم عن أبي هريرة مرفوعا من أخذ أجرا على القرآن فذاك حظه من القرآن،

وأما ما رواه أبو نعيم أيضا ومن طريقه الديلمي عن ابن عباس رفعه بلفظ فقد تعجل حسناته في الدنيا فيحمل إن ثبت على من تعين عليه التعليم‏.‏

677 - إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط‏.‏

رواه الترمذي عن أنس، ورواه أحمد عن محمود بن لبيد لكن بلفظ فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع‏.‏ <صفحة 257 >

678 - إن الله إذا استُودِعَ شيئا حفِظَه‏.‏

رواه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ابن عمر، ومما يناسب إيراده هنا ما ذكره عن عز الدين بن جماعة في كتاب هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك بقوله وليستودع ربه ما خلفه من أهل ومال وولد بإخلاص وصدق نية فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعرض الناس ذات يوم فرأى رجل معه ابنه فقال ما رأيت غرابا أشبه بغراب منك بهذا، فقال يا أمير المؤمنين ما ولدته أمه إلا وهي ميتة، فقال عمر حدثني، فقال خرجت في غزاة وأمه حامل به مثقلة فقلت لها حين ودعتها بإخلاص وصدق نية أستودع الله ما في بطنك، فغبت، ثم قدمت فإذا بابي مغلق، فقلت ما فعلت فلانة ‏؟‏ فقالوا ماتت فذهبت إلى قبرها فبكيت عنده، فلما كان من الليل قعدت مع بنى عم لي نتحدث، وليس يسترنا من البقيع شيء، فارتفعت لي نار بين القبور فقلت لبني عمي ما هذه النار‏؟‏ فتفرقوا عني حياء، مني فأتيت أقربهم إلى فسألته، فقال يرى على قبر زوجتك كل ليلة نارا، فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، إن كانت والله فيما علمت لصوامة قوامة عفيفة مسلمة، انطلق بنا، فأخذت الفأس وجئت إلى قبرها فإذا هو مفتوح، وإذا هذا يدب حولها، ومناد ينادى ألا أيها المستودع ربه، خذ وديعتك، أما والله لو استودعتنا أمه لوجدتها، فأخذته وانسد القبر انتهى‏.‏

679 - إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض‏.‏

رواه الديلمي عن عائشة رضي الله عنها‏.‏

680 - إن الله أنزل الداء والدواء‏.‏

رواه أبو داود عن أبى الدرداء، وزاد وجعل لكل داء دواء‏.‏

681 - إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه‏.‏

رواه أحمد وأبو داود والحاكم عن أبي ذر، وأحمد والترمذي عن ابن عمر، <صفحة 258 > وأبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة، والطبراني عن بلال ومعاوية، وابن سعد عن أيوب بن موسى مرسلا، وزاد وهو الفاروق، فرق الله به بين الحق والباطل‏.‏

682 - إن أدنى أهل الجنة درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، بيد كل واحد صفحتان‏:‏ واحدة من ذهب والأخرى من فضة - الحديث‏.‏

رواه الطبراني بإسناد قوي عن أنس، ورواه الترمذي عن أبي سعيد بلفظ أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم، واثنتان وسبعون زوجة، وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء، وإن عليهم التيجان، وإن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب انتهى مفرقا‏.‏

683 - إن الأرض لتنجس من بول الأبعر أربعين يوما‏.‏

قال القاري فيه داود الوضاع‏.‏

684 - إن لم تكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي‏.‏

قال السخاوي لا أعرفه حديثا، وكذا ما اتخذ الله من ولي جاهل، قال القاري ليس بحديث، بل هو من كلام أبى حنيفة والشافعي،

وأخرجه البيهقي عن الشافعي بلفظ‏:‏ إن لم تكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي، وكيف لا والشافعي يقول أيضا ما أحد أودع لخالقه من الفقهاء‏.‏

685 - إن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، والإيمان لا يزيد ولا ينقص‏.‏

قال القاري قال الفيروزآبادي كله لا يصح، وأقول المراد بالإيمان ثانيا بمعنى التصديق القلبي على القول بأنه لا يزيد ولا ينقص فتأمل ‏(‏في ‏"‏انتقاد المغني عن الحفظ والكتاب‏"‏ بعض تفصيل في الباب‏)‏ ‏.‏ <صفحة 259 >

686 - حديث ناقص

687 - إن الله جميل يحب الجمال‏.‏

رواه أحمد عن أبي ريحانة، ومسلم والترمذي عن ابن مسعود، وأبو يعلى عن أبي سعيد والطبراني عن أبي أمامة وابن عمر وجابر، زاد في حديث جابر ويحب معالي الأخلاق ويكره سَفسافها،

ورواه البيهقي عن أبي سعيد، وزاد فيه ويحب أن ترى أثر نعمه على عبده، ويبغض البؤس والتبأس، وابن عدي في الكامل عن ابن عمر، وزاد فيه سخي يحب السخاء، نظيف يحب النظافة‏.‏

688 - إن الله طيّبٌ، لا يقبل إلا الطيَّبِّ‏.‏

رواه مسلم وأحمد وابن عدي والترمذي عن أبي هريرة، وعند الترمذي وغيره عن سعد بن أبي وقاص رفعه‏:‏ إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم، ولا تشبَّهوا باليهود‏.‏

689 - إن الله سأل عن صحبة ساعة‏.‏

قال النجم دائر في ألسنة الناس، وفى معناه ما أخرجه ابن جرير في قوله تعالى ‏{‏والصاحب بالجنب‏}‏ عن رجل من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل غيضة مع بعض أصحابه، فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج والآخر مستقيم، فدفع المستقيم إلى صاحبه، فقال له يا رسول الله كنت أحق بالمستقيم، فقال ما من صاحب يصحب صاحبا ولو ساعة من نهار إلا سئل عن صحبته‏:‏ هل أقام منها حق الله تعالى أم أضاعه، انتهى،

وأقول المشهور على الألسنة الآن أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن صحبة ساعة‏.‏

690 - إن الله غيور يحب الغيور، وإن عمر غيور‏.‏

رواه رسته في كتاب الإيمان عن عبد الرحمن بن رافع مرسلا، وعند الشيخين عن أبي هريرة إن الله تعالى يغار، وغَيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله، <صفحة 160>زاد مسلم والمؤمن يغار، وعندهما عن المغيرة قال سعد بن عبُادة لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ‏(‏ يقال‏:‏ أصفحه بالسيف إذا ضربه بعرضه دون حده فهو مصفح‏.‏ كما في النهاية‏.‏‏)‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتعجبون من غيرة سعد ‏؟‏لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المنذرين، ولا أحد أحب إليه المدح من الله، ومن أجل ذلك وعد الجنة،

وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة وغيرهما، ورواه الشيخان وابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ بينا أنا نائم ثم رأيتني في الجنة فإذا أنا بامرأة تتوضأ إلى جانب قصر، قلت لمن هذا القصر‏؟‏ قالوا لعمر بن الخطاب، فذكرت غيرته فوليت مدبرا، فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله‏؟‏

ورواه أيضا الشيخان عن جابر بن عبد الله بلفظ رأيتني في الجنة فإذا أنا بالوميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت خَشْفة، فقلت من هذا‏؟‏ فقالوا هذا بلال ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا ‏؟‏فقالوا لعمر ابن الخطاب، فأردت أن أدخله، فذكرت غيرتك، فقال بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار‏؟‏ وروى أبو داود والترمذي وابن حبان عن جابر بن عتيك إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الريبة - الحديث‏.‏

691 - إن أحَسَن الحسَن الخُلق الحسَن‏.‏

رواه المستغفري في المسلسلات، وابن عساكر عن الحسن بن علي‏.‏

692 - إن أسوأ الناس سرِقةً الذي يسرِق من صلاته، قالوا يا رسول الله وكيف يسرق من صلاته‏؟‏ قال لا يُتم ركوعَها ولا سجودها

رواه أحمد والدارمي عن أبي قتادة مرفوعا، وفي لفظ بحذف ‏"‏إن‏"‏ وصححه ابن خزيمة والحاكم وقال إنه على شرطهما، ورواه أحمد أيضا والطيالسي عن أبي<صفحة 261 >سعيد مرفوعا،

ورواه ابن مَنيع عن أبي هريرة، ورواه مالك عن النعمان بن مُرة مرسلا‏.‏

693 - إن الأسود إذا جاع سَرق وإذا شبع زنى‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وابن عدي عن عائشة مرفوعا بزيادة ‏"‏وإن فيهم لخَلّتين‏:‏ صدق السماحة والبخل‏"‏‏.‏

وأورده ابن الجوزي في الموضوعات بلفظ ‏"‏الزنجي إذا جاع سرق وإذا شبع زنى‏"‏‏.‏

وله شاهد عند الطبراني في الكبير عن ابن عباس قال‏:‏

قيل‏:‏ يا رسول الله، ما يمنع حبش بني المغيرة أن يأتوك إلا أنهم يخشون أن تردهم‏.‏

فقال‏:‏ لا خير في الحبش، إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا زنوا‏.‏ وإن فيهم لخصلتين حسنتين‏:‏ إطعام الطعام، وبأس عند البأس‏.‏

ورواه البزار بلفظ‏:‏ ‏"‏لا خير في الحبش‏:‏ إن شبعوا زنوا‏.‏ وإن فيهم لخصلتين‏:‏ إطعام الطعام، وبأس عند البأس‏.‏

وعند الطبراني في الكبير عن أم أيمن قالت‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إنما الأسود لبطنه وفرجه‏"‏‏.‏

وعنده أيضا عن ابن عباس بلفظ‏:‏ ذكر السودان عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

‏"‏دعوني من السودان، فإن الأسود لبطنه وفرجه‏"‏‏.‏

وبعضها يؤكد بعضا، بل سند البزار حسن‏.‏

ولأبي نعيم فيما أسنده الديلمي من طريقه عن أبي رافع، رَفـَعَهُ‏:‏ ‏"‏شر الرقيق الزنج‏:‏ إن شبعوا زنوا‏"‏‏.‏

وقد اعتمد الحديث إمامنا الشافعي، فروى في مناقبه البيهقيُّ عن المزني أنه قال‏:‏

كنت مع الشافعي في الجامع، إذ دخل رجل يدور على النيام‏.‏

فقال الشافعي للربيع‏:‏ قم فقل له‏:‏ ذهب لك عبدٌ أسودٌ، مصابٌ بإحدى عينيه‏.‏

قال الربيع‏:‏ فقمت إليه، فقلت له، فقال‏:‏ نعم‏.‏

فقلت‏:‏ تعالـَهْ‏!‏

فجاء إلى الشافعي، فقال‏:‏ أين عبدي‏؟‏

قال‏:‏ مُر، تجِدْهُ في الحبس‏.‏

فذهب الرجل، فوجده في الحبس‏.‏

قال المزني‏:‏ فقلت له‏:‏ أخبرنا، فقد حيرتنا‏.‏

فقال‏:‏ نعم، رأيتُ رجلا دخل من باب المسجد يدور بين النيام، فقلت يطلب هاربا‏.‏

ورأيته يجيء إلى السودان دون البيض، فقلت هرب له عبد أسود‏.‏

ورأيته يجيء إلى ما يلي العين اليسرى، فقلت مصاب بإحدى عينيه‏.‏

قلنا‏:‏ فما يدريك أنه في الحبس‏؟‏

فقال‏:‏ ذكرت الحديث في العبيد ‏"‏إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا‏"‏، فتأولت أنه فعل أحدهما، فكان كذلك‏.‏ <صفحة 262>

694 - إن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء في الجنة، وذلك أنهم يزورون الله في كل جمعة فيقول تمنوا علي ما شئتم، فيلتفتون إلى العلماء، فيقولون ماذا نتمنى على ربنا‏؟‏ فيقولون تمنوا كذا وكذا - الحديث‏.‏

قال القاري ذكر في الميزان أنه موضوع‏.‏

695 - إن بلالا كان يبدل الشين في الأذان سينا‏.‏

قال في الدرر لم يرد في شيء من الكتب، وقال القاري ليس له أصل، وقال البرهان السفاقسي نقلا عن الإمام المزي أنه اشتهر على ألسنة العوام، ولم يرد في شيء من الكتب، وسيأتي الكلام عليه بأبسط من هذا في‏:‏ سين بلال عند الله شين‏.‏

696 - إن حُسن العهد من الإيمان‏.‏

رواه الحاكم والديلمي عن عائشة رضي الله عنها، وسيأتي الكلام عليه مبسوطا في حسن العهد‏.‏

697 - إن رحمتي تغلب غضبي‏.‏

متفق عليه عن أبى هريرة رفعه أنه قال لمّا قضى الله - وفى لفظ لمسلم لمَّا خَلَقَ الله الخَلْق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش‏:‏ إن رحمتي غلبت - وفى لفظ تغلب غضبي،

ورواه البخاري فقط من حديث مالك عن أبى هريرة أيضا بلفظ‏:‏ إن رحمتي سبقت غضبي،

ورواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا بلفظ قال الله سبقت رحمتي غضبي، وفى لفظ لمسلم عن أبي هريرة أن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق‏:‏ إن رحمتي سبقت غضبي‏.‏ <صفحة 263>

698 - إن خُرافة كان من عُذْرَةَ أسرته الجن، فمكث فيهم دهراً، ثم ردوه إلى الإنس فكان يحدث الناس بما رأى من الأعاجيب، فقال الناس حديث خرافة‏.‏

وروى الترمذي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث ذات ليلة نساءه حديثا، فقالت امرأة منهن هذا حديث خرافة، فقال أتدرون ما خرافة ‏؟‏ إن خرافة - الحديث‏.‏

699 - إن الدين النصيحة - قالهُثلاثا - قيل لمن‏؟‏ يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم‏.‏

رواه أحمد عن ابن عباس، وهو ومسلم وأبو داود والنسائي عن تميم الداري، والترمذي والنسائي عن أبي هريرة، والمشهور إسقاط ‏"‏إن‏"‏ في أوله وهو ما في صحيح البخاري في كتاب الإيمان معلقا‏.‏

700 - إن الرجل لَيُحرمُ الرزقَ بالذْنب يُصيبُه‏.‏

رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن ثوبان، وصححه بزيادة ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر‏.‏

701 - إن الزامر يأتي يوم القيامة بمزماره، وإن السكران يأتي بقدحه، وإن المؤذن يأتي يؤذن، وهكذا كل من مات على شيء يأتي عليه‏.‏

قال ابن حجر الهيثمي في فتاويه ورد في الحديث ما يقتضي ذلك، وورد التصريح بأفراد منه ونص عليه العلماء،

أخرج مسلم يبعث كل عبد على ما مات عليه، والبيهقي من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة، وعليه حمل العلماء خبر يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها، أي الأعمال <صفحة 264>التي يموت عليها من خير وشر، وصح أن المجروح في سبيل الله يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب ‏(‏ في الأصل ‏"‏يثغب‏"‏ بالمعجمة وهو خطأ على ما في النهاية، ويثعب أي يجري‏)‏ دما وإن الميت محرما يبعث ملبيا، وورد غير ذلك،

وفى الدرة الفاخرة للغزالي‏:‏ يبعث السكران سكرانا ‏(‏‏[‏في الأصل‏:‏ يبعث السكران سكران‏.‏ ‏"‏، وهو خطأ‏.‏ دار الحديث‏]‏‏)‏ يوم القيامة، والزامر زامرا، وشارب الخمر والكوز معلق في عنقه، وكل أحد على الحال الذي صده في الدنيا عن سبيل الله‏.‏

قال السيوطي بعد إيراده جميع ما مر‏:‏ وفي هذا إشارة إلى تخصيص الحديث السابق بأن الحالة التي يأتي عليها في الآخرة، ما كان عليه في الدنيا، المراد بها حالة الطاعة أو المعصية، بخلاف المباحات، فلا يأتي النجار بآلته، ولا البناء ونحوهما، إلا إن استعملوها فيما لا يجوز شرعا‏.‏ انتهى‏.‏

702 - إن شيطانا بين السماء والأرض يقال له الولهان معه ثمانية أمثال ولد آدم من الجنود، وله خليفة يقال له خِنْزَب‏.‏

نقل القاري عن ابن الجوزي أنه موضوع‏.‏

703 - إن القصيرة قد تُطيل‏.‏

قال القاري قال صاحب القاموس إنه مثل، وليس بحديث كما وهم فيه الجوهري، ومعنى قد تطيل أي قد تلد ولدا طويلا انتهى‏.‏ لكن الذي في القاموس بإسقاط ‏"‏إن‏"‏‏.‏

704 - إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة‏.‏

رواه ‏(‏‏[‏نقص في نسختنا‏.‏ دار الحديث‏]‏‏)‏

وأما حديث خلق الله الأرواح قبل الأجسام بألفي عام فضعيف جدا فلا يعول عليه، وكذا قول ابن عباس خلق الله الأرواح قبل الأجسام

<صفحة 265> بأربعة آلاف سنة، وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة فلم يثبت عن ابن عباس، بل هو باطل عنه، قاله ابن حجر المكي في فتاويه الحديثية‏.‏

705 - إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله‏.‏

رواه البيهقي وأبو الشيخ والعسكري عن أبي الدرداء رفعه، ورواه القضاعي عنه بلفظ الرزق أشد طلبا للعبد من أجله، ورواه الدارقطني في علله مرفوعا وموقوفا، والصواب الموقوف كما قال البيهقي والدارقطني،

قال وروي عن أبي سعيد بمعناه مرفوعا وهو عند الطبراني في الأوسط عنه بلفظ لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه أجله، ولأبي نعيم والعسكري عن جابر رفعه لو أن ابن آدم يهرب من رزقه كما يهرب من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت،

ورواه البيهقي عن جابر رفعه لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد يموت حتى يبلغه آخر الرزق، فأجملوا في الطلب، ورواه البيهقي عن عمر من قوله بلفظ ما من امرئ إلا وله أثر هو واطئه، ورزق هو آكله، وأجل هو بالغه، وحتف هو قاتله، حتى لو أن رجلا هرب من رزقه لاتبعه حتى يدركه، كما أن الموت يدرك من هرب منه، ألا فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب؛

وللعسكري عن عمر رفعه والذي بعثني بالحق إن الرزق ليطلب أحدكم كما يطلبه أجله، وله عن ابن مسعود في حديث سيأتي إن الله لا يعذب بقطع الرزق والعمل، والرزق مقسوم، وهو آت ابن آدم على أيَّ سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه وبينه ستر وهو في طلبه،

وبعض هذه الأحاديث يقوي بعضها؛ ومن الأحاديث الواهية ما رواه ابن عدي، ومن جهته البيهقي عن ابن مسعود رفعه ما بال أقوام يسترجون المترفين، ويستخفون بالعابدين، ويعملون بالقرآن ما وافق أهواءهم، وما خالف أهواءهم تركوه، فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، ويسعون فيما يدرك بغير سعي من المقدور والأجل المكتوب والرزق المقسوم والتجارة التي لا تبور‏.‏

قال البيهقي عقبه والمراد به والله أعلم أن ما قدر للعبد من الرزق يأتيه فلا يجاوز الحد في طلبه، يعني كما<صفحة 266> في الحديث الآخر اتقوا الله وأجملوا في الطلب،

ورواه الديلمي بسند ضعيف عن جابر مرفوعا‏:‏ إن للأرزاق حُجُباً، فمن شاء أن يهتك ستره بقلة حياء ويأخذ رزقه فعل، ومن شاء بقي حياؤه وترك رزقه محجوبا عنه حتى يأتيه على ما كتب الله له فعل،

قال في المقاصد وظاهر قوله في حديث ابن مسعود ولا فجور فاجر بناقصه يعارضه ظاهر حديث أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه كما بينته مع الجمع في مكان آخر انتهى فليراجع‏.‏ وقال النجم وقد يجاب بأن ما يقضيه الله للعبد من أجل أو رزق أو بلاء تارة يكون مبرما، وهذا لا يؤثر فيه ما ذكر، وتارة يكون معلقا فهذا يؤثر فيه ما ذكر، أو تحمل المعصية على معصية مخصوصة انتهى ملخصا،

وسيأتي له تتمة بحث في حديث إن الله لا يعذب بقطع الرزق، ومن شواهده ما أخرجه الإمام أحمد والبيهقي عن أنس رفعه‏:‏ إن الله يأتي برزق كل غد، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم مخاطبا لاثنين، لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت، فإن الإنسان تلده أمه أحمر، ليس عليه شيء ثم يرزقه الله‏.‏

706 - إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه

رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وفي رواية له من حديث شعبة عنها ركبت عائشة بعيرا، فكانت فيه صعوبة، فجعلت تردده، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق، إن الرفق - الحديث،

وعزاه في اللآلئ لمسند أحمد عن عائشة، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وآخرون بلفظ كنت على بعير فيه صعوبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق، فإنه لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه‏.‏

ورواه العسكري عن عائشة بلفظ ما كان الرفق في قوم إلا نفعهم، ولا كان الخُرْقُ في قوم إلا ضرهم،

وله من حديث حجاج بن سليمان الرعيني قال قلت لابن لَهيعة كنت أسمع عجائز المدينة يقلن إن الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة، فقال حدثينه محمد بن المنكدر عن جابر<صفحة 267> رفعه، وله أيضا عن عروة بن الزبير قال مكتوب في التوراة الرفق رأس الحكمة، وأثر عروة عند أبي الشيخ بلفظ بلغني أنه مكتوب في التوراة ألا إن الرفق إلخ،

وأخرج الطبراني عن جرير مرفوعا الرفق زيادة بركة،

وروى العسكري والقضاعي عن عائشة مرفوعا من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، ومن حُرِم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة، وفى رواية للعسكري عنها بلفظ إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق،

ومثله للقُضاعي عن أبي الدرداء مرفوعا، وروى العسكري عن أنس مرفوعا ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه، ولا كان الخرق في شيء قط إلا شانه،

ورواه عن جرير رفعه من يُحْرَمِ الرفق يحرم الخير كلَّه،

وروى البيهقي في مناقب الشافعي عن ابنه محمد أنه قال رآني أبي وأنا أعجل في بعض الأمر، فقال يا بني رفقاً رفقاً، فإن العجلة تنقص الأعمال، وبالرفق تدرك الآمال، ثم ساق الشافعي سنده إلى أبي هريرة رفعه‏:‏ إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطى عليه ما لا يعطى على العُنْف‏.‏

وقال النجم وعند الطبراني عن ابن مسعود الرفق يمن والخرق شؤم،

وهو عند البيهقي وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق، فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه، وإن الخرق لم يكن في شيء قط إلا شانه،

وعند الدارقطني في الأفراد عن أنس إذا أراد الله بأهل بيت خيرا نَفَعَهم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصَّرهم عيوبهم، فيتوبوا منها، وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هَمَلاً‏.‏

707 - إن روح القُدُس نفث في روُعي لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلب‏.‏

رواه في مسند الفردوس عن جابر في حرف الهمزة، ورواه في حرف <صفحة 268 > النون عنه بلفظ نفث في روعي روح القدس أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل رزقها - الحديث،

ورواه أبو نعيم والطبراني عن أبي أمامة والبزار عن حذيفة، وأخرجه أيضا ابن أبي الدنيا وصححه الحاكم عن ابن مسعود كذا في فتح الباري‏.‏

708 - إن لربكم في أيام دهركم نفحاتٍ ألا فتعرَّضوا لها‏.‏

ذكره في الإحياء، وقال العراقي في تخريج أحاديثه‏:‏ رواه الترمذي الحكيم في النوادر، والطبراني في الأوسط من حديث محمد بن مَسْلَمة، ولابن عبد البر في التمهيد نحوه من حديث أنس،

ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الفرح من حديث أبي هريرة، واختلف في إسناده انتهى، و عزاه الحافظ ابن حجر في تخريج احاديث مسند الفردوس للطبراني عن محمد بن مسلمة انتهى، وسكت عليه،

ورواه الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة بلفظ‏:‏ إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحةٌ منها فلا تَشْقَوْن بعدها أبدا‏.‏

709 - إن لكل شيء قلباً، وقلب القرآن يس، ومَن قرأها كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشْرَ مرات‏.‏

رواه الدارمي والترمذي عن أنس، قال الترمذي غريب، قيل لان فيه هارون بن محمد لا يعرف، وأجيب بأن غايته أنه ضعيف، وهو يعمل به في الفضائل،

ورواه ابن الجزري في الحصن الحصين بلفظ قلب القرآن يس، لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، اقرؤوها على موتاكم،

قال شارحه القاري‏:‏ وروى مرفوعا‏:‏ إن من قرأها وهو خائف أمن، أو جائع شبع، أو عار كُسي، أو عاطشٌ سُقي في خلال كثيرة، وروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده قيل في سنده نظر، لكن يشهد له أنه صلى الله عليه وسلم في ليلة اجتماع قريش على قتله خرج وهو يقرأ أوائلها، وذر عليهم التراب، مع أن الحديث <صفحة 269> يعمل به في الفضائل انتهى،

وقد يقال قراءة أولها لخاصية فيه دون باقيها فتدبر‏.‏

710 - إن علياً رضي الله عنه حَمَلَ بابَ خيبر‏.‏

أخرجه الحاكم عن جابر بلفظ‏:‏ إن عليا لما انتهى إلى الحصن اجتبذ أحد أبوابها، فألقاه بالأرض فاجتمع عليه بعد سبعون رجلا، فكان جهدهم أن أعادوا الباب،

وأخرجه ابن إسحاق في سيرته عن أبي رافع، وأن السبعة لم يَقْلِبوه،

وقال في اللآلئ زعم بعض العلماء أن هذا الحديث لا أصل، له وإنما روي عن رعاع الناس، وليس كما قال، وذكر له طرقا منها أن سبعة لم يقلبوه، ومنها أن سبعين لم يقلبوه، ومنها أن أربعين لم يقلبوه انتهى ملخصا‏.‏

711 - إنَّ ساقيَ القوم آخرِهُم‏.‏

رواه مسلم عن أبي قتادة مرفوعا في حديث طويل،

ورواه أبو داود عن ابن أبي أوفى، والبيهقي في الدلائل عن أبي معبد الخزاعي في قصة اجتياز النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه بخيمتي أمِ معبد بإسقاط ‏"‏إن‏"‏ في أوله وبزيادة ‏"‏شربا‏"‏ في آخره‏.‏

712 - إنَّ في معاريض الكلام مَندوحةً عن الكذب‏.‏

رواه البخاري في الأدب المفرد عن مُطْرِّفِ بن عبد الله، قال صحبت عِمرانَ بن حُصين في الكوفة إلى البصرة، فما أتى عليه يوم إلا أنشدنا فيه شعرا، وقال إن في معاريض - الحديث،

وعزاه في الدرر لابن السني عن عمران بن حصين، ولأبي نعيم عن علي بلفظ إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب،

وأخرجه البيهقي في الشعب، والطبراني في الكبير، والطبري في التهذيب بسند رجاله ثقات، ورواه ابن السُّنِّيّ بسند جيد،

وقال البيهقي رواه داود <صفحة 270 > بن الزّبْرَقـَان عن عمران مرفوعا وموقوفا، والصحيح الموقوف،

ووهىَّ المرفوع ابن عدي، وروى من وجه آخر ضعيف جدا عن علي رفعه، وكذا عند أبي نعيم عن علي رفعه‏:‏ إن في المعاريض ما يكفي الرجل العاقل عن الكذب، وبالجملة فالحديث حسن كما قاله العراقي، ولذا رد على الصغاني حكمه عليه بالوضع،

وروى البخاري في الأدب المفرد والبيهقي في الشعب عن عمران قال أما في المعاريض ما يكفى المسلم من الكذب،

قال في المقاصد ورواه العسكري عن مجاهد قال قال عمر بن الخطاب إن في المعاريض لمندوحة للرجل المسلم الحر عن الكذب، وأشار إلى أن حكمه الرفع انتهى فتدبر‏.‏

713 - إِن في الهند أوراقاً مثلَ آذانِ الخيل، فكلوا منها، فإن فيها منفعة

قال الصغاني موضوع‏.‏

714 - إن لإبراهيم الخليل وأبي بكر الصديق لحيةً في الجنة‏.‏

قال في المقاصد نقلا عن شيخه ابن حجر‏:‏ لم يصح أن للخليل في الجنة لحية ولا للصديق، ولا أعرف ذلك في شيء من كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة، ثم قال‏:‏ وعلى تقدير ثبوت وروده فيظهر لي أن الحكمة في ذلك‏:‏ أما في حق الخليل فلكونه منزلا منزلة الوالد للمسلمين لأنه الذي سماهم بالمسلمين وأمروا باتـِّباع ملته، وأما في حق الصديق فلأنه كالوالد الثاني للمسلمين، إذ هو الفاتح لهم باب الدخول إلى الإسلام‏.‏

لكن أخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود‏:‏ أهل الجنة جرد مرد، قال‏:‏ إلَّا موسى عليه الصلاة والسلام فإن له لحية تضرب إلى سرته‏.‏

وقال النجم أخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال‏:‏ أهل الجنة جرد مرد إلا ما كان من موسى، فإن له لحية تضرب إلى صدره‏.‏

وأخرج ابن أبى شيبة وابن عساكر عن جابر‏:‏ ليس يدخل أحد الجنة إلا أجردَ أمردَ، إلا موسى <صحة 271> بن عمران، فإن لحيته تبلغ سرته، وليس أحد يُكْنى في الجنة إلا آدم، فإنه يكنى أبا محمد‏.‏

وله عن كعب قال‏:‏ ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم، وله لحية سوداء إلى سرته، وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية، وإنما كانت اللحى بعد آدم، وليس أحد يكنى في الجنة إلا آدم، يكنى فيها أبا محمد‏.‏

وذكر القرطبي في تفسيره أن ذلك ورد في حق آدم، هارون أخي موسى أيضا، ورأيت بخط بعض أهل العلم أنه ورد في حق آدم، ولا أعلم شيئا من ذلك ثابتا انتهى‏.‏

وأقول، في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيثمي‏:‏ ليس في الجنة أحد غير آدم بلحية، وحديث ‏"‏إن هارون‏"‏ كذلك موضوع‏.‏

وزاد بعضهم نوحا عليه السلام‏.‏ فغاية مَن قيل فيهم ذلك، على ما فيه، ستة أشخاص‏.‏ ونظم ذلك بعضهم فقال‏:‏

وستة ليست لأهل الجنة * لا بول لا غائط لا أجنه

كذاك لا نوم، ولا أسنانا * ولا لحى أيضا كما أتانا

وستة من أهلها ‏(‏ في الأصل ‏"‏منهم‏"‏ مكان ‏"‏من أهلها‏"‏ المصححة في المصرية لإقامة الوزن‏.‏‏)‏ قد خصُّوا * بلحية قد جاء فيهم نص

هم آدم ونوح إبراهيم * هارون والصديق والكليم

وأقول لم أر أنه لا أسنان ‏(‏ لعله يريد في النظم السن مقدار العمر جمعه أسنان‏.‏ القاموس‏.‏‏)‏ لأهل الجنة إلا في هذا النظم فليراجع‏.‏

715 - إنيَّ لأمزَحُ، ولا أقول إلا حقاً‏.‏

رواه الطبراني عن ابن عمر والخطيب عن أنس رضي الله عنه‏.‏

716 - إن لجواب الكتاب حقا كرد السلام‏.‏

رواه الديلمي والقضاعي وكذا ابن لال عن ابن عباس رفعه، وأخرج أبو نعيم ومن طريقه الديلمي عن أنس رفع‏:‏ ردُّ جواب الكتاب حق كرد السلام، وليس بثابت رفعه، بل المحفوظ وقفه، وقال القضاعي ليس بالقوي، ونقل ابن عبد البر عن الزبير بن بكار أنه قال كتب إليّ المغيرة يستَبْطِئُني كتبي، فكتبت إليه‏:‏ <صفحة 272 >

ما غير النأي ودّا كنت تعهده * ولا تبدّلت بعد الذكر نسيانا

ولا حمدت إخاءً من أخي ثقة * إلا جعلتك فوق الحمد عنوانا